10لحكم الشرعي للبتكوين أسباب للتحريم
تعاملت البشرية بالمقايضة وبالذهب والفضة والدينار والدرهم ثم بالعملة الورقية ثم بالعملة الرقمية والرصيد الرقمي ثم ظهرت العملة الافتراضية، والمشهور عند الاقتصاديين أن هناك ثلاثة شروط إذا وجدت في شيء فإنه يسمى عملة:
أن يكون وسيطاً مقبولاً للتبادل فيقبل البائع أخذه مقابل سلعته،
أن يكون مقياساً يمكن تحديد قيمة السلعة من خلاله،
أن يكون مستودعاً للثروة.
والعملات الافتراضية التي يعتبر البيتكوين أشهرها ليست عينية كالذهب وليس لديها اعتماد حكومي كالأوراق النقدية فلا يصدرها مصرف مركزي ولا تتحكم فيها البنوك، حيث ترتكز العملات الافتراضية على كسر المركزية وإلغاء البنوك كوسيط بين البائع والمشتري ويديرها مستخدموها بحيث تحقق مبدأ الند للند Peer-to-Peer.
وتتميز العملات الافتراضية بالخصوصية وسهولة الاستعمال، ويعتبرها منتجوها ومتداولوها أنها مفخرة لسكان المعمورة باعتبارهم يُنتجون عملتهم بنفسهم.
تعريف البيتكوين
ورد ذكر البيتكوين لأول مرة في بحث أصدره تقني مجهول لقب نفسه بـ «ساتوشيناكاموتو» عن العملات المشفرة ناقش فيه عنصر الأمان في البيتكوين وابتكر طريقة تقنية لتجاوز معضلة الموثوقية والحماية من الغش ثم استمر هو ومجموعة من المطورين في العمل على البيتكوين.
تم طرح البيتكوين للتداول في 2009 بقيمة 0.0001$ وارتفع في منتصف عام 2011 إلى 35$ ووصل في بداية 2017 إلى 1000$ ثم تصاعد البيتكوين بشكل سريع حتى تجاوز سعر البيتكوين الواحد 20000$.
من أسباب هذا التصاعد.. المضاربات في هذه العملة، وبدء اعتماد بعض الدول لها بشكل رسمي، وتزايد تعامل قطاعات خدمية جديدة بها كخطوط الطيران، وهناك متاجر إلكترونية وأجهزة صرافة تقوم بتبديل العملات المتداولة كالدولار بالبيتكوين، ويمكن شراء البيتكوين من بعض المواقع على الشبكة.
ويتكون البيتكوين (Bitcoin) من عنوان رقمي مربوط بمحفظة اليكترونية وكل بيتكوين مقسم لمائة مليون ساتوشي، وعند شرائك لسلعة ببيتكوين واحد فإنك ستحول البيتكوين بضغطة زر إلى محفظة البائع.
وكما هو الحال في العملة الورقية؛ فمنها الدولار، والجنيه الإسترليني، والريال، والينُّ، ونحو ذلك، كذلك توجد أشكال من العملة الإلكترونيّة؛ فمنها ما يسمّى بالـ Bitcoin ،Lightcoin ،Ethereum وغيرها.
لم تعتمد معظم حكومات العالم البيتكوين كعملة تداول، لكن عدداً من الدول كألمانيا واليابان سمحت نظامياً بتداول البتكوين وأقرته كطريقة للدفع ومن أسباب ذلك وجود مصالح لهذه الدول كتحصيل الضرائب على التداول والمضاربة كما يساعدها ذلك في تنظيم التداول والتغلب على الغموض والسرية.
ويشيع الآن الحديث في بعض الدول- مثل اليابان والسويد- عن استخدامها بديلاً أو رديفاً للعملة الورقية؛ فطباعة العملة الورقية على الورق يكلف مالاً وجهداً، وبما أن العالم يتجه نحو العصر الإلكتروني؛ فبدلاً من أن تطبع العملة على الورق تطبع على شكل أرقام، أو أشكال إلكترونية تخزن على أجهزة الحاسب الآلي، لكنها تشفر بطريقة معقدة للغاية؛ حتى لا يمكن نسخها أو «تزويرها»، كما تنسخ العملة الورقية.
وحالياً أصبح البتكوين معتمداً في شبكة من المطاعم والأسواق والمتاجر الإلكترونية والشركات حول العالم مثل مايكروسوفت وغيرها، برغم المخاطر التي ينطوي عليها التعامل بالبيتكوين من قبيل أنها لا تزال غير معترف بها من معظم دول العالم والمصارف العامة والمركزية ومنها سهولة استعمالها في العمليات المشبوهة والإجرامية تمويلاً أو غسيلاً للأموال، وأيضاً الغرر والجهالة الحاصلة في قيمتهما، بالإضافة كذلك الى أن أسعارها شديدة التذبذب فهي وإن كانت في صعود صاروخي فإنها معرضة للتدهور السريع.
الحكم الفقهي للبيتكوين
نحت أغلب الآراء الفقهية الى إعتبارالبيتكوين عملة رقمية لا تتوفر فيها المعايير – الشرعية والقانونية – التي تجعلها عملة يجري عليها حكم التعامل بالعملات القانونية الرسمية المعتبرة دولياً، كما أنها لا تتوفر فيها الضوابط الشرعية التي تجعل منها سلعة قابلة للمقايضة بها بسلع أخرى؛ ولهذا فإنه لا يجوز التعامل بالبيتكوين أو العملات الالكترونية الأخرى التي لا تتوفر فيها المعايير المعتبرة شرعاً وقانوناً؛ وذلك لأن التعامل بها يؤدي إلى عواقب غير سليمة، سواء على المتعاملين، أو على الأسواق المالية والمجتمع بأكمله، وسواء اعتبرناها نقداً أو سلعة فالحكم يشملها في كلتا الحالتين.
وقد حسمت دار الإفتاء المصرية من خلال الحكم الشرعي في التعامل بعملة الـ»بيتكوين» الإلكترونية، والمشفرة، بتحريمها، لخطورتها على الأمن المجتمعي والاقتصادي، دافعاً قوياً لمعرفة ملابسات الحكم الشرعي وطرق تداول هذه العملة المشبوهة.
واعتمدت دار الإفتاء فى تحريم العملة الافتراضية «بيتكوين» على 10 أسباب وهي:
تمثل اختراقاً لأنظمة الحماية والأمن الإلكتروني.
تمثل اختراقاً للأنظمة المالية المركزية للدول والبنوك المركزية.
تستخدم للهروب من الأجهزة الأمنية لتنفيذ أغراض غير قانونية.
تستخدمها عصابات الارهاب والمخدرات وغسيل الأموال للإفلات من العدالة.
يتوافر فيها عنصر الغرر «النصب والخداع».
عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط.
عملة رقمية لامركزية وليس لها وجود فيزيائي ولا يمكن تداولها باليد.
يتوافر فيها عنصر الجهالة.
لا يجوز البيع والشراء والتعاقد بها.
لا توجد هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها.
وأكد الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية – أنه لا يجوز شرعًاً تداول عملة «البتكوين» والتعامل من خلالها بالبيع والشراء والإجارة وغيرها، بل يمنع من الإشتراك فيها؛ لعدمِ اعتبارها كوسيط مقبول للتبادلِ من الجهاتِ المختصة، ولما تشتمل عليه من الضرر الناشئ عن الغررِ والجهالة والغش في مصرفها ومعيارها وقِيمتها، فضلاً عما تؤدي إليه ممارستُها من مخاطر عالية على الأفراد والدول.
وأوضح – في فتوى له – أن هذه الوحدات الإفتراضية غير مغطاة بأصول ملموسة، ولا تحتاج في إصدارها إلى أي شروط أو ضوابط، وليس لها اعتماد مالي لدى أي نظام اقتصادي مركزي، ولا تخضع لسلطات الجهات الرقابية والهيئات المالية؛ لأنها تعتمدُ على التداول عبر الشبكة العنكبوتية الدولية (الإنترنت) بلا سيطرة ولا رقابة. ومن خلال هذا البيان لحقيقة عملة «البتكوين» يتضح أنها ليست العملة الوحيدةَ التي تجري في سوق صرف العملات، بل هذه السوق مجال لاستخدام هذه العملة ونظائرها من عملات أخرى غيرها تندرج تحت اسم «العملات الإلكترونية».
وأشار إلى أن الصورة الغالبة في إصدار هذه العملة أنها تستخرج من خلال عملية يُطلق عليها «تعدين البتكوين»، حيث تعتمد في مراحلها على الحواسب الإلكترونية ذات المعالجات السريعة عن طريق استخدام برامج معينة مرتبطة بالشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، وتجرى من خلالها جملة من الخطوات الرياضية المتسلسلة والعمليات الحسابية المعقدة والموثقة؛ لمعالجة سلسلة طويلة من الأرقام والحروف وتخزينها في محافظ إلكترونية بعد رقمنتهابأكواد خاصة.